الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.ذباب بن سليم. قد ذكرنا الخلاف في نسبهم من أنهم من ذباب بن ربيعة بن زغب الأكبر وأن ربيعة أخو زعب الأصغر وضبط هذه اللفظة لهذا العهد بضم الزاي وقد ضبطها الأجل أبي والرشاطي بكسر الزاي كذا نقل أبو محمد التجاني في رحلته ومواطنهم ما بين قابس وطرابلس إلى برقة ولهم بطون فمنهم أولاد أحمد بن ذباب ومواطنهم غربي قابس وطرابلس إلى برقة عيون رجال مجاورون لحصن ومن عيون رجال بلاد زغب من بطون ذباب بنو يزيد مشاركون لأولاد أحمد في هذه المواطن وليس هذا أبا لهم ولا اسم رجل وإنما هو اسم حلفهم انتسبوا به إلى مدلول الزيادة كذا قال التجاني وهم بطون أربعة:الصهب بسكون الهاء بنو صهب بن جابر بن رافع ابن ذباب وإخوتهم الحمادية بنو حمدان بن جابر والخرجة بسكون الراء بطن من آل سليمان منهم.أخرجهم آل سليمان من موطنهم بمسلالة فحالفوا هؤلاء ونزلوا معهم والأصابعة نسبة إلى رجل ذي إصبع زائدة ولم يذكر التجاني في أي بطن من ذباب ينتسبون.ومنهم النوائل بنو نائل بن عامر بن جابر وإخوتهم أولاد سنان بن عامر وإخوتهم أولاد وشاح بن عامر وفيهم رياسة هذا القبيل من ذباب كلهم وهم بطنان عظيمان: المحاميد بنو محمود بن طوب بن بقية بن وشاح ومواطنهم ما بين قابس ونفوسة وما إلى ذلك من الضواحي والجبال ورياستهم لهذا العهد في بني رحاب بن محمود لأولاد سباع بن يعقوب بن عطية بن رحاب والبطن الآخر الجواري بنو حميد بن جارية بن وشاح ومواطنهم طرابلس وما إليها مثل تاجورا وهزاعة وزنزور وما إليها من ذلك لهذا العهد ورياستهم لهذا العهد في بني مرغم بن صابر بن عسكر بن علي بن مرغم ومن أولاد وشاح بطنان آخران صغيران مندرجان مع الجواري والمحاميد وهما الجواربة بنو جراب بن وشاح والعمور بنو عمر بن وشاح هكذا زعم التجاني في العمور هؤلاء وفي هلال بن عامر بطن العمور كما ذكرناه.وهم يزعمون أن عمور ذباب هؤلاء منهم وأنهم إنما جمعهم مع ذباب الموطن خاصة وليسوا من سليم والله أعلم بحقيقة ذلك.وكان من أولاد وشاح بنو حريز بن تميم بن عمر بن وشاح وكان منهم فائد بن حريز من فرسان العرب المشاهير وله شعر متداول بينهم لهذا العهد سمر الحي وفكاهة المجالس ويقال إنه من المحاميد فائد بن حريز حربي بن محمود بن طوب وكان بنو ذباب هؤلاء شيعة لقراقش الغزي وابن غانية ولهما فيه أثر وقتل قراقش مشيخة الجواري في بعض أيامه ثم صاروا بعد مهلك ابن غانية إلى خدمة الأمير أبي زكريا وأهل بيته من بعده وهم الذين أقاموا أمر الداعي بن أبي عمارة وعليهم كان تلبسه لأن يصير أميرا بدل المخلوع وكان فر إليهم بعد مهلك مولاه وبنيه ونزل عليهم حتى إذا مر بهم ابن أبي عمارة فعرفه الخبر فاتفقوا على التلبيس وزينوا ذلك لهؤلاء العرب فقبلوه وتولى كبر ذلك مرغم بن صابر وتبعه قومه وداخلهم في الأمر أبو مروان عبد الملك بن مكي رئيس قابس فكان من قدر الله ما كان من تمام أمره وتلويث كرسي الخلافة بدمه حسبما يذكر في أخبار الدولة الحفصية.وكان السلطان أبو حفص يعتمد عليهم فغلبهم في دعوة عمارة فخالفوا عليه وسرح لحبهم قائده أبا عبد الله الفزاري واستصرخوا بالأمير أبي زكريا ابن أخيه وهو يومئذ صاحب بجاية والثغر الغربي من أفريقية ووفد عليه منهم عبد الملك بن رحاب ابن محمود فنهض لصريخه سنة سبع وثمانين وستمائة وحاربوا أهل قابس وهزموهم وأثخنوا فيهم ثم غلبهم الفزاري ومانعهم عن وطن أفريقية ورجع الأمير أبو زكريا إلى ثغره وكان مرغم بن صابر بن عسكر شيخ الجواري قد أسره أهل صقلية من سواحل طرابلس سنة اثنتين وثمانين وستمائة وباعوه لأهل برشلونه فاشتراه ملكهم وبقي أسيرا عندهم إلى أن زعم إليه عثمان بن إدريس الملقب بأبي دبوس بقية الخلفاء من بني عبد المؤمن وأراد الإجازة إلى أفريقية لطلب حقه في الدعوة الموحدية فعقد ملك برشلونة بينه وبين مرغم حلفا وبعثهما ونزل بساحل طرابلس.وأقام مرغم الدعوة لأبي دبوس وحمل عليها قومه وحاصر طرابلس سنة ثمان وثمانين وستمائة أياما ثم تركوا عسكرا لحصارها وارتحلوا لجباية الوطن فاستفرغوه وكان ذلك غاية أمرهم وبقي أبو دبوس يتقلب في أوطانهم مدة واستدعاه الكعوب لأول المائة الثامنة وأجلبوا به على تونس أيام السلطان أبي عصيدة من الحفصيين وحاصروها أياما فلم يظفروا ورجع إلى نواحي طرابلس وقام بها مدة ثم ارتحل إلى مصر وأقام بها إلى أن هلك كما يأتي ذكره في خبر ابنه مع السلطان أبي الحسن بالقيروان ولم يزل هذا شأن الجواري والمحاميد إلى أن تقلص ظل الدولة عن أوطان قابس وطرابلس فاستبد برياسة ضواحيها واستعبدوا سائر الرعاية المعتمرة في جبالها وبسائطها واستبد أهل الأمصار برياسة أمصارهم بنو مكي بقابس وبنو ثابت بطرابلس على ما يذكر في أخبارهم.وانقسمت رياسة أولاد وشاح بانقسام المصرين فتولى الجواري طرابلس وضواحيها وزنزور وغريان ومغر وتولى المحاميد بلد قابس وبلاد نفوسة وحرب.وفي ذباب هؤلاء بطون أخرى ناجعة في القفر ومواطنهم منزاحة إلى جانب الشرق عن مواطن هؤلاء الوشاحين فمنهم آل سليمان بن هبيب بن رابع بن ذباب ومواطنهم قبلة مغر وغريان ورياستهم في ولد نصر بن زائد بن سليمان وهي لهذا العهد لهائل بن حماد بن نصر وبينه وبين البطن الآخر إلى سالم بن وهب أخي سليمان ومواطنهم بلد مسراتة إلى لبدة ومسلاتة وشعوب آل سالم هؤلاء الأحامد والعمائم والعلاونة وأولاد مرزوق ورياستهم في أولاد ولد مرزوق وهو ابن معلى بن معراق بن قلينة بن قماص بن سالم وكانت في أول هذه المائة الثامنة لغلبون بن مرزوق واستقرت في بنيه وهي اليوم لحميد بن سنان بن عثمان بن غلبون والعلاونة منهم مجاورون للعنة من عرب برقة والمشابنة من هوارة المقيمين.وتجاذب ذباب هؤلاء في مواطنهم من جهة القبلة ناصرة وهم من بطون ناصرة بن خفاف بن امرىء القيس بن بهتة بن سليم فإن كان زعب أبو ذباب لملك بن خفاف كما زعم التجاني فهم إخوة ناصرة ويبعد أن يسمى قوم باسم إخوانهم وإن كانوا الناصرة كما زعم ابن الكلبي وهو أقرب فيكون هؤلاء اختصوا بإسم ناصرة دون ذباب وغيرهم من بنيه وهذا كثير من بطون القبائل والله أعلم ومواطنهم بلاد فزان وودان هذه أخبار ذباب هؤلاء.وأما العزة جيرانهم في الشرق الذين قدمنا ذكرهم فيهم موطنون من أرض برقة خلاء لاستيلاء الخراب على أمصارها وقرارها من دولة صنهاجة تمرنت بمرانها بادية العرب وناجعتهم فتحيفوها غارة ونهبا إلى أن فسدت فيها مذاهب المعاش وانتقض العمران فخربت وصار معاش الأكثر من هؤلاء العرب الموطنين بها لهذا العهد من الفلح يثيرون له الأرض بالعوامل من الجمال والحمير وبالنساء إذا ضاق كسبهم عن العوامل وارتكبوا ضرورة المعاش.وينجعون إلى بلاد النخل في جهة القبلة منهم من أوجله وشنترية والواحات وما وراء ذلك من الرمال والقفر إلى بلد السودان المجاورين لهم وتسمى بلادهم برنق وشيخ هؤلاء العرب ببرقة يعرف لهذا العهد بأبي ذئب من بني جعفر وركاب الحج من المغرب يحمدون مساطتهم في مرهم وحسن نيتهم في التجافي عن جامع بيت الله وإرفادهم بجلب الأقوات لسربهم وحسن الظن بهم فمن يعمل مثال ذرة خيرا يره وأما نسبهم فما أدري فمن هو من العرب؟ وحدثني الثقة من ذباب عن خريص ابن شيخهم أبي ذباب من بقايا الكعوب ببرقة وتزعم نسابة الهلاليين أنهم لربيعة ابن عامر إخوة هلال بن عامر وقد مر الكلام في ذلك في أول ذكر بني سليم ويزعم بعض النسابة أنهم والكعوب من العزة وأن العزة من هيث وأن رياسة العزة لأولاد أحمد وشيخهم أبو ذئب وأن المسانية جيرانهم من هوارة.وذكر لي سلام بن التركية شيخ أولاد مقدم جيرتهم بالعقبة أنهم من بطون مسراتة من بقية هوارة وهو الذي رأيت النسابة المحققين عليه بعد أن دخلت مصر ولقيت كثيرا من المترددين إليها من أهل برقة وهذه آخر الطبقة الرابعة من العرب وبانقضائه انقضى الكتاب الثاني في العرب وأجيالهم منذ بدء الخليفة فلنرجع إلى أحوال البربر في الكتاب الثالث والله ولي العون.بسم الله الرحمن الرحيموصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
|